قبر اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و سلم

الخميس، 29 ديسمبر 2022

من سورة النساء

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ١٧٢_١٧٣
من سورة النساء 
﴿لَّن یَسۡتَنكِفَ ٱلۡمَسِیحُ أَن یَكُونَ عَبۡدࣰا لِّلَّهِ وَلَا ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ ٱلۡمُقَرَّبُونَۚ وَمَن یَسۡتَنكِفۡ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَیَسۡتَكۡبِرۡ فَسَیَحۡشُرُهُمۡ إِلَیۡهِ جَمِیعࣰا (١٧٢) فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَیُوَفِّیهِمۡ أُجُورَهُمۡ وَیَزِیدُهُم مِّن فَضۡلِهِۦۖ وَأَمَّا ٱلَّذِینَ ٱسۡتَنكَفُوا۟ وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فَیُعَذِّبُهُمۡ عَذَابًا أَلِیمࣰا وَلَا یَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِیࣰّا وَلَا نَصِیرࣰا (١٧٣)﴾ [النساء ١٧٢-١٧٣]

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيج، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ﴾ لَنْ يَسْتَكْبِرَ.وَقَالَ قَتَادَةُ: لَنْ يَحْتَشِمَ ﴿الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مِنْ ذَهَبَ إِلَى تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ بِهَذِهِ الْآيَةِ حَيْثُ قَالَ: ﴿وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ وَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ دِلَالَةٌ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا عَطَفَ الْمَلَائِكَةَ عَلَى الْمَسِيحِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْكَافَ هُوَ الِامْتِنَاعُ، وَالْمَلَائِكَةُ أَقْدَرُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْمَسِيحِ؛ فَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ أَقْوَى وَأَقْدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ.وَقِيلَ: إِنَّمَا ذُكِرُوا؛ لِأَنَّهُمُ اتّخذُوا آلِهَةً مَعَ اللَّهِ، كَمَا اتُّخِذَ الْمَسِيحُ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ عُبَيْدٌ مِنْ عُبَيْدِهِ وخَلْق مَنْ خَلْقِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ [لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ](١) ﴾ الْأَنْبِيَاءِ: [٢٦-٢٩] .ثُمَّ(٢) قَالَ: ﴿وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا﴾ أَيْ: فَيَجْمَعُهُمْ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَفْصِلُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ الْعَدْلِ، الَّذِي لَا يَجُورُ فِيهِ وَلَا يَحِيف؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ يَعْنِي: فَيُعْطِيهِمْ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ وَيَزِيدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ وسَعَة رَحْمَتِهِ وَامْتِنَانِهِ.وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدُوَيه مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سُفْيَانَ(٣) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ﴿فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ قال: أُجُورُهُمْ: أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ". ﴿وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾ قَالَ: "الشَّفَاعَةُ فِيمَنْ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ مِمَّنْ صَنَعَ إِلَيْهِمُ الْمَعْرُوفَ فِي دُنْيَاهُمْ".(٤)وَهَذَا إِسْنَادٌ لَا يَثْبُتُ، وَإِذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا فَهُوَ جَيِّدٌ(٥) .﴿وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا﴾ أَيِ: امْتَنَعُوا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ وَاسْتَكْبَرُوا عَنْ ذَلِكَ ﴿فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غَافِرٍ: ٦٠] أَيْ: صَاغِرِينَ حَقِيرِينَ ذَلِيلِينَ، كَمَا كَانُوا مُمْتَنِعِينَ مُسْتَكْبِرِينَ.

(١) زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآيات".
(٢) في أ: "ولهذا".
(٣) في أ: "شقيق".
(٤) في أ: "في الدنيا".
(٥) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/٢٤٨) من طريق بقية عن إسماعيل الكندي به.
وقال الهيثمي في المجمع (٧/١٣) : "فيه إسماعيل بن عبد الله الكندي ضعفه الذهبي من عند نفسه، فقال: أتى بخبر منكر وبقية رجاله وثقوا".
ورواه أبو نعيم في الحلية (٤/١٠٨) من طريق ابن حمير عن الثوري عن شقيق عن عبد الله بن مسعود بنحوه، وقال: "غريب من حديث الأعمش، عزيز عجيب من حديث الثوري، تفرد به إسماعيل بن عبيد الله الكندي عن الأعمش، وعن إسماعيل بقية بن الوليد، وحديث الثوري لم نكتبه إلا عن هذا الشيخ".

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق