قبر اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و سلم

السبت، 19 أكتوبر 2024

من سورة الرعد

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ١_٧
من سورة الرعد 
﴿الۤمۤرۚ تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِۗ وَٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ ٱلۡحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یُؤۡمِنُونَ (١) ٱللَّهُ ٱلَّذِی رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ بِغَیۡرِ عَمَدࣲ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِی لِأَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ یُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ یُفَصِّلُ ٱلۡـَٔایَـٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاۤءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ ٱلَّذِی مَدَّ ٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ فِیهَا رَوَ ٰ⁠سِیَ وَأَنۡهَـٰرࣰاۖ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰ⁠تِ جَعَلَ فِیهَا زَوۡجَیۡنِ ٱثۡنَیۡنِۖ یُغۡشِی ٱلَّیۡلَ ٱلنَّهَارَۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِی ٱلۡأَرۡضِ قِطَعࣱ مُّتَجَـٰوِرَ ٰ⁠تࣱ وَجَنَّـٰتࣱ مِّنۡ أَعۡنَـٰبࣲ وَزَرۡعࣱ وَنَخِیلࣱ صِنۡوَانࣱ وَغَیۡرُ صِنۡوَانࣲ یُسۡقَىٰ بِمَاۤءࣲ وَ ٰ⁠حِدࣲ وَنُفَضِّلُ بَعۡضَهَا عَلَىٰ بَعۡضࣲ فِی ٱلۡأُكُلِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ (٤) ۞ وَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبࣱ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَ ٰ⁠بًا أَءِنَّا لَفِی خَلۡقࣲ جَدِیدٍۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلۡأَغۡلَـٰلُ فِیۤ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِیهَا خَـٰلِدُونَ (٥) وَیَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلسَّیِّئَةِ قَبۡلَ ٱلۡحَسَنَةِ وَقَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِمُ ٱلۡمَثُلَـٰتُۗ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغۡفِرَةࣲ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلۡمِهِمۡۖ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ (٦) وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۤۗ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُنذِرࣱۖ وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ (٧)﴾ [الرعد ١-٧]

﴿المر﴾ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنا الله أعلم وأرى ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ﴾ أي: تلك الآيات التي في هذه السورة آيات القرآن، ﴿والّذِي أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ﴾: القرآن كله، ﴿الحَقُّ﴾ لا هذه السورة وحدها وهو خبر والذي ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ لما فيهم من العناد، ﴿اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ﴾ أي: أساطين جمع عماد أو عمود ﴿تَرَوْنَها﴾، صفة لـ عمد، وعن بعض السلف أن لها عمدًا ولكن لا ترى، أو استئناف للاستشهاد لرؤيتهم للسماوات كذلك فضمير المؤنث حينئذ للسماوات ﴿ثُمَّ اسْتَوى عَلى العَرْشِ﴾، قال السلف: الاستواء معلوم، والكيفية مجهولة، وقيل: علا عليه ﴿وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ﴾ ذللهما لما أراد منهما ﴿كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مسَمًّى﴾ أي: لدرجاتهما ومنازلهما ينتهيان إليها لا يجاوزانها، أو إلى وقت معلوم وهو فناء الدنيا ﴿يدَبِّرُ الأمْرَ﴾: جميع أمور ملكوته ﴿يُفَصِّلُ الآياتِ﴾: يوضحها، وينزلها مفصلة ﴿لَعَلَّكم بِلِقاءِ رَبِّكم تُوقِنُونَ﴾: لكي تتفكروا فيها فتعلموا كمال قدرته بحيث لا يعجز عن الإعادة والجزاء ﴿وهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ﴾: بسطها، ﴿وجَعَلَ فِيها رَواسِيَ﴾: جبالًا ثوابت ﴿وأنهارًا﴾: ضمها مع الجبال فإنها تخرج من الجبال أكثرها ﴿ومِن كُلِّ الثَّمَراتِ﴾، ظرف لقوله: ﴿جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أي: صنفين أسود وأبيض، أكبر وأصغر، حلوًا وحامضًا قيل: أول ما خلق العالم خلق من كل نوع من الأشجار اثنين فقط كما خلق الإنسان من زوجين ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾: يلبسه مكانه فيصير مظلمًا بعدما كان مضيئًا، ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾: فيما فيها من الصنائع والبدائع، ﴿وفِي الأرْضِ قِطَعٌ متَجاوِراتٌ﴾: بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة صلبة إلى رخوة ومن غير ذلك وهي دالة على قدرته واختياره ﴿وجَنّاتٌ﴾: بساتين، ﴿مِّنْ أعْنابٍ وزَرْعٌ ونَخِيلٌ صِنْوانٌ﴾ هي: نخلة لها رأسان وأصلهما واحد ﴿وغَيْرُ صِنْوان﴾: مختلفة الأصول ﴿يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ في الأُكُلِ﴾: في الثمر طعمًا وشكلًا، ورائحة وقدرًا مع أنها تستمد من طبيعة واحدة وهي الماء، بل وبعضها من أصل واحد فسبحانه من قادر ومختار ﴿إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾: يستعملون عقولهم، ﴿وإن تَعْجَبْ﴾: يا محمد من إنكارهم النشأة الآخرة، ﴿فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ أي: فعجبت في موضعه حقيق بأن تتعجب، أو أن تعجب من تكذيبهم إياك، بعد ما حكموا بصدقك فاعجب من قولهم أو إن تعجب من شيء فاعجب من قولهم: ﴿أإذا كُنّا تُرابًا﴾ مرفوع بأنه بدل من قولهم أو منصوب به وإذ نصب بما دل عليه قوله: ﴿أئنّا لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾: هم الكاملون في الكفر ﴿وأُوْلَئِكَ الأغْلالُ في أعْناقِهِمْ﴾: يوم القيامة يسحبون بها في النار، ﴿وأُوْلَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ ويَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ﴾: بالعقوبة، ﴿قَبْلَ الحَسَنَةِ﴾ أي: العافية سألوا نزول العذاب استهزاء أو يطلبون النقمة لا النعمة كقولهم: ﴿عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الحِسابِ﴾ ﴿وقَدْ خَلَتْ﴾ مضت ﴿مِن قَبْلِهِمُ المَثُلاتُ﴾: عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لم يعتبروا ﴿وإنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّاسِ﴾ أي: لذو إمهال وستر ﴿عَلى ظُلْمِهِمْ﴾: على كفرهم ومعاصيهم، وإن فسرت المغفرة بالعفو فعلى ظلمهم حال ولابد أن يفسر الظلم بمعاصي غير الكفر، ولا يناسب المقام فإنه إن فسرت بما يعمه فلا يخفى أن العفو من غير توبة فلا يصح بمذهب، وإن كان بعد التوبة فلا يلائم، لأنّهُم بعد التوبة ليسوا على الظلم ﴿وإنّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ العِقابِ﴾: لمن شاء ﴿ويَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا﴾: هلا، ﴿أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾، لم يعتدوا بالآيات الباهرات واقترحوا مثل ما أوتي موسى وعيسى، ﴿إنَّما أنتَ مُنذِرٌ﴾: لا عليك الإتيان بما اقترحوا كجعل الصفا ذهبًا ﴿ولِكُل قَوْمٍ هادٍ﴾: نبي مخصوص يدعوهم إلى الهدى، أو معناه أنت منذر ولكل قوم هاد يهديهم إذا أراد، وهو الله، وعن بعض السلف الهادي علي بن أبي طالب - رضى الله عنه - وأيضًا في ذلك حديث؛ لكن قيل فيه نكارة شديدة.

(جامع البيان للإيجي — الإيجي (٩٠٥ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق