108- لم تنزل مائدة من السماء
إن فى سورة المائدة: أن الحواريين قد طلبوا
مائدة من السماء. وأن الله قال (إنى منزلها عليكم (ولا يقول الإنجيل: إن
تلاميذ المسيح طلبوا منه آية من السماء ، ولا يقول: إن مائدة نزلت من السماء.
الرد على الشبهة:
إن المعترض غير دارس للإنجيل وغير دارس
للتوراة. وذلك لأن فى إنجيل يوحنا أن الحواريين طلبوا آية من السماء "
فقالوا له: فأية آية تصنع ؛ لنرى ونؤمن بك ؟ ماذا تعمل ؟ آباؤنا أكلوا المنّ
فى البرية. كما هو مكتوب: أنه " أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا "
[يو 6: 30ـ31].
إنهم طلبوا مائدة من السماء ؛ لأنهم قالوا:
" آباؤنا أكلوا المن فى البرية " بعد قولهم " فأية آية تصنع
لنرى ونؤمن بك ؟ " واستدلوا على أكل آبائهم للمن بقولهم مكتوب فى التوراة
أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا. وهذا يدل على أن آباءهم أكلوا المن
والسلوى فى سيناء. والنص هو: " وأمطر عليهم منّا للأكل وبرّ السماء
أعطاهم " [مزمور 78: 24].
فهل نزل المن من السماء ؟ وقد سماه داود ـ
عليه السلام ـ مائدة فى قوله عنهم: " قالو: هل يقدر الله أن يرتب مائدة
فى البرية ؟ " [مز 78: 19] فمعنى نزوله من السماء: أنه من جهة الله لا من
جهة إله آخر. ونص إنجيل يوحنا يبين أنهم طلبوا مائدة من السماء. ذلك قوله:
" أنه أعطاهم خبزاً من السماء ليأكلوا " فإذا بارك الله فى طعام من
الأرض ليشبع خلقاً كثيراً ؛ فإنه يكون مائدة من السماء. كالمن النازل من
السماء. وهو لم ينزل من السماء وإنما كان على ورق الشجر ، وكالسلوى.
ومن أعجب العجب: أن مؤلف الإنجيل قال كلاماً
عن المسيح فى شأن محمد رسول الله لا يختلف اثنان فى دلالته عليه صلى الله عليه
وسلم. وقد استدل المسيح فيه عليه صلى الله عليه وسلم بنص فى الإصحاح الرابع
والخمسين من سفر إشعياء.
ويقول المعترض: ولعلّ قصة القرآن عن نزول
مائدة من السماء نشأت عن عدم فهم بعض آيات الإنجيل الواردة فى متى 26 ومرقس 24
ولوقا 22 ويوحنا 13. وغرضه من قوله هذا أن لا يعرف المسلمون موضع المائدة من
الأناجيل لأنها بصدد كلام من المسيح فى شأن محمد رسول الله ، وموضعها الإصحاح
السادس من إنجيل يوحنا.
شبهات النصارى حول الإسلام
للدكتور منقذ السقار
الخاتمة
وبعد أخلص من كل
ما سبق إلى نقاط هامة عدة :
1 - أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير لاينضب بتطاول الزمان وانصرام القرون .
2 - المسيحية دين
نحله بولس ومن بعده عن الوثنيات القديمة ، فاقتبسوا منها عقائد النصرانية المختلفة
: تجسد الإله .موت الإله كفارة للخطايا . واختصاص الصليب بهذا الموت. عقيدة
الثالوث الموحد . العشاء الرباني …..
3 - النصرانية
الحقة دين الله الذي أنزله على نبيه عيسى عليه السلام ،وهو دين التوحيد الخالص
الذي نؤمن به كما نؤمن بالتوراة والإنجيل اللذين أنزلهما الله عز وجل وملؤها الهدى
والنور وهذا الهدي لم تندرس آثاره إلى اليوم من الكتب المقدسة عند النصارى ،حيث
يظهر التوحيد فيها جلياً كالشمس في رابعة النهار ،في حين لا تكاد هذه الكتب تدل
على التثليث إلا بالتحريف والتعسف والتمحل في الفهم والاستدلال ..
4 - الأسفار
المقدسة بين يدي النصارى اليوم كتب لايعلم على وجه التحديد من كاتبها ، وهي كتب
سيرة وتاريخ لم يزعم كتابها المجهولون أنهم يقدمون من خلالها كلمة الله ، وإن زعم
النصارى أنها كتبت بإلهام .فإن التأمل بهذه الكتب يكشف زيف هذه الدعوى ، ويثبت
بشرية هذه الكتب وخلوها عن الوحي وهدي النبوات .
5 - هذه الأسفار
المقدسة قدسها البشر ومنحوها في مجامعهم صفة القدسية والعلوية عبر مجامع عدة رفضت
بعض هذه الأسفار ، ثم أقرتها ، وما يزال بعضها مرفوضاً إلى يومنا هذا بعد أن كان
مجمعاً على قداسته .
6 - الأسفار
المقدسة عند النصارى لا تدل على الكثير من معتقدات النصارى ، بل هي في كثير من
المسائل تنقض معتقدات القوم وتكشف زيفها وعوارها .ويعود ذلك لصدور النصارى بهذه
العقائد عن فكر بولس المرفوض عند سائر التلاميذ أو عن المجامع المتأخرة التي صاغت
العقائد تبعاً للفلسفات المختلفة .
7 - في الأسفار
التي يتناقلها النصارى أثارة من نور الأنبياء تشهد لله بالتوحيد ولنبيه محمد
بالرسالة ، ولليهود بالفسق والتحريف والتبديل .
8 - صلب المسيح
أمر زعم النصارى وقوعه، وادعوا عليه التواتر بين الأمم، وقد أثبت علماؤنا وبعشرات
النصوص الكتابية بطلان هذه القصة ونجاة المسيح من الصلب المزعوم.
9 - عقيدة الفداء
والخلاص وهم آخر تعلق به النصارى من غير مادليل صريح عن المسيح عليه السلام، وقد
أثبت علماؤنا بطلان هذا المعتقد بالأدلة الكتابية والعقلية.
10 - شبهات
النصارى عن الإسلام تنبع من الكذب الفاضح أو التلبيس الخادع أو الجهل المطبق
بطبيعة وأصول هذا الدين .
11- جهود علماء
القرن الرابع عشر خلاصة مباركة استثمرت جهود السابقين ، وأضافت عليها من المعطيات
الجديدة ما أثرى الجدل الإسلامي النصراني في هذا القرن .
12- الدافع الذي
دفع علماءنا لخوض الجدل مع النصارى إيمانهم بواجب البيان والتبليغ ، وإدراكهم
للخطر الذي تشكله المؤسسات الاستعمارية النصرانية والهجمة التبشيرية الشرسة على
بلاد المسلمين المختلفة .
13- جهود علمائنا
المباركة تركزت في فني التأليف والمناظرة ، وقد أبدى علماؤنا في كل من الفنين ما
يليق بمن يحمل سلطان العلم والحق والدليل .
والله ولي كل خير ويهدي إلى كل بر وهو وحده المستعان .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق