قبر اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و سلم

الأحد، 21 مايو 2023

من سورة المجادلة

﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ یُحَاۤدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ كُبِتُوا۟ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ وَقَدۡ أَنزَلۡنَاۤ ءَایَـٰتِۭ بَیِّنَـٰتࣲۚ وَلِلۡكَـٰفِرِینَ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ (٥) یَوۡمَ یَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤا۟ۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ (٦) أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَمَا فِی ٱلۡأَرۡضِۖ مَا یَكُونُ مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمۡ وَلَاۤ أَدۡنَىٰ مِن ذَ ٰ⁠لِكَ وَلَاۤ أَكۡثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمۡ أَیۡنَ مَا كَانُوا۟ۖ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ (٧)﴾ [المجادلة ٥-٧]

يُخْبِرُ تَعَالَى عَمَّنْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعَانَدُوا شَرْعَهُ ﴿كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ أَيْ: أُهِينُوا وَلُعِنُوا وَأُخْزُوا، كَمَا فُعِلَ بِمَنْ أَشْبَهَهُمْ مِمَّنْ قَبْلَهُمْ ﴿وَقَدْ أَنزلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ أَيْ: وَاضِحَاتٍ لَا يُخَالِفُهَا وَلَا يُعَانِدُهَا إِلَّا كَافِرٌ فَاجِرٌ مُكَابِرٌ، ﴿وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَا اسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِ شَرْعِ اللَّهِ، وَالِانْقِيَادِ لَهُ، وَالْخُضُوعِ لَدَيْهِ.ثُمَّ قَالَ: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَجْمَعُ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ﴿فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا﴾ أَيْ: يُخْبِرُهُمْ(١) بِالَّذِي صَنَعُوا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ﴾ أَيْ: ضَبَطَهُ اللَّهُ وَحَفِظَهُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ قَدْ نَسُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ أَيْ: لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَخْفَى وَلَا يَنْسَى شَيْئًا.ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ إِحَاطَةِ عِلْمِهِ بِخَلْقِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ، وَسَمَاعِهِ كَلَامَهُمْ، وَرُؤْيَتِهِ مَكَانَهُمْ حَيْثُ كَانُوا وَأَيْنَ كَانُوا، فَقَالَ: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ﴾أَيْ: مِنْ سِرِّ ثَلَاثَةٍ ﴿إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ أَيْ: يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ وَسِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَرُسُلُهُ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ تَكْتُبُ مَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ، مَعَ عِلْمِ اللَّهِ وَسَمْعِهِ لَهُمْ، كَمَا قَالَ: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلامُ الْغُيُوبِ﴾ [التَّوْبَةِ: ٧٨] وَقَالَ ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: ٨٠] ؛ وَلِهَذَا حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَعِيَّةُ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى(٢) وَلَا شَكَّ فِي إِرَادَةِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ سَمْعَهُ أَيْضًا مَعَ عِلْمِهِ مُحِيطٌ بِهِمْ، وَبَصَرَهُ نَافِذٌ فِيهِمْ، فَهُوَ، سُبْحَانَهُ، مُطَّلِعٌ عَلَى خَلْقِهِ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْ أُمُورِهِمْ شَيْءٌ.ثُمَّ قَالَ: ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: افْتَتَحَ الْآيَةَ بِالْعِلْمِ، وَاخْتَتَمَهَا بِالْعِلْمِ.

(١) في أ: "فيجزيهم".
(٢) في م: "علمه تعالى".

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق