قبر اشرف الخلق محمد صلى الله عليه و سلم

السبت، 27 مايو 2023

من سورة المجادلة

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا نَـٰجَیۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةࣰۚ ذَ ٰ⁠لِكَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ (١٢) ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُوا۟ بَیۡنَ یَدَیۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَـٰتࣲۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُوا۟ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمۡ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ (١٣)﴾ [المجادلة ١٢-١٣]

يَقُولُ تَعَالَى آمِرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُنَاجِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، أَيُّ: يُسَارُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُ وَتُزَكِّيهِ وَتُؤَهِّلُهُ لِأَنْ يَصْلُحَ لِهَذَا الْمَقَامِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ﴾(١)ثُمَّ قَالَ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا﴾ أَيْ: إِلَّا مِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لِفَقْدِهِ ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ فَمَا أَمَرَ بِهَا إِلَّا مَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا.ثُمَّ قَالَ: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ﴾ أَيْ: أَخِفْتُمْ مِنَ اسْتِمْرَارِ هَذَا الْحُكْمِ عَلَيْكُمْ مِنْ وُجُوبِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ مُنَاجَاةِ الرَّسُولِ، ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾فَنُسَخَ وُجُوبُ ذَلِكَ عَنْهُمْ.وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَبْلَ نَسْخِهَا سِوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: نُهُوا عَنْ مُنَاجَاةِ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى يَتَصَدَّقُوا، فَلَمْ يُنَاجِهِ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَدَّمَ دِينَارًا صَدَقَةً تَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ نَاجَى النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنْ عَشْرِ خِصَالٍ، ثُمَّ أُنْزِلَتِ الرُّخْصَةُ.وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، كَانَ عِنْدِي دِينَارٌ فَصَرَفْتُهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَكُنْتُ إِذَا نَاجَيْتُ(٢) رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ، فَنُسِخَتْ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا أَحَدٌ قَبْلِي، وَلَا يَعْمَلُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِي، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ الْآيَةَ.وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ، عَنْ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ](٣) -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "ما ترى، دينار؟ ". قَالَ: لَا يُطِيقُونَ. قَالَ: "نِصْفُ دِينَارٍ؟ ". قَالَ: لَا يُطِيقُونَ. قَالَ: "مَا تَرَى؟ " قَالَ: شَعِيرة، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّكَ زَهِيدٌ(٤) قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: فَبِي خَفَّف اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَوْلُهُ: ﴿ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا](٥) إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ فَنَزَلَتْ: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ﴾(٦)وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيع، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [إِلَى آخِرِهَا](٧) قَالَ(٨) لِيَ النَّبِيُّ ﷺ: "ما ترى، دينار؟ " قُلْتُ(٩) لَا يُطِيقُونَهُ. وَذَكَرَهُ بِتَمَامِهِ، مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ". ثُمَّ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "شَعِيرَةٌ": يَعْنِي وَزْنَ شَعِيرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ(١٠)وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ، بِهِ(١١)وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ إِلَى ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُقَدِّمُونَ بَيْنَ يَدَيِ النجوى صدقة، فلما نَزَلَتِ الزَّكَاةُ نُسِخَ هَذَا.وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَكْثَرُوا الْمَسَائِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى شَقُّوا عَلَيْهِ، فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْ نَبِيِّهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ صَبَرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَفُّوا عَنِ الْمَسْأَلَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَ هَذَا: ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً(١٢) فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ فَوَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُضَيِّقْ.وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا ﴿أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾(١٣) إِلَى آخِرِهَا.وَقَالَ سَعِيدُ [بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ](١٤) عَنْ قَتَادَةَ ومقاتل ابن حَيَّانَ: سَأَلَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ، فَقَطْعَهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِذَا كَانَتْ لَهُ الْحَاجَةُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْضِيَهَا حَتَّى يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ صَدَقَةً، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرُّخْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾وَقَالَ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ: مَا كَانَتْ إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ. وَهَكَذَا رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ عَلِيٌّ: مَا عَمِلَ بِهَا أَحَدٌ غَيْرِي حَتَّى نُسِخَتْ وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَمَا كَانَتْ إِلَّا سَاعَةً.

(١) في أ: "ذلكم" وهو خطأ
(٢) في أ: "جئت".
(٣) زيادة من أ.
(٤) في م، أ: "إنك لزهيد.
(٥) زيادة من م.
(٦) تفسير الطبري (٢٨/١٥) وعلي بن علقمة فيه ضعف. قال البخاري: في حديثه نظر.
(٧) زيادة من م.
(٨) في م: "فقال".
(٩) في م: "قال".
(١٠) سنن الترمذي برقم (٣٣٠٠) .
(١١) مسند أبي يعلى (١/٣٢٢) .
(١٢) (١،٢) في أ: "صدقات".
(١٣) (١،٢) في أ: "صدقات".
(١٤) زيادة من م، أ.

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق